الإدارة.. القيادة.. العمل
محمد جاسم
كثيرون أولئك الذين تحدثوا عن الفوارق الشاسعة بين كرة القدم في آسيا وفي منطقتنا الخليجية والعربية ونظيراتها في القارات الأخرى وبالتحديد أوروبا وأمريكا الجنوبية.
وعملياً الفوارق واضحة ويمكن ملاحظتها من عدة زوايا، بدليل أننا لا نزال نستورد من عندهم المدربين واللاعبين وحتى الحكام لإنقاذنا في كثير من المناسبات.
وفي المقابل لا يوجد لاعب خليجي احترف في الدوريات الأوروبية أو حتى الآسيوية، ولتغطية هذه الفجوة بادرت اليابان وكوريا الجنوبية لابتعاث عدد غير محدود من المواهب الشابة إلى أوروبا وبعض الدول كالبرازيل والأرجنتين من أجل تهيئتهم بالصورة التي تمكنهم من التواجد واللعب في الأندية الأوروبية، لقناعة تامة بأنها الطريقة الوحيدة لتقريب المسافات وتقليص الفجوة مع مستوى الكرة الحقيقية التي تمارس في أوروبا وأمريكا اللاتينية.
اليابان وكوريا الجنوبية نجحتا معاً في تلك الخطوة التي قاما بها في مطلع التسعينات من القرن الماضي، وأصبح لديها كوكبة من اللاعبين المحليين يتصدرون المشهد في أكبر الأندية والدوريات الأوروبية، وبفضل تلك التجربة أصبحت كوريا واليابان موجودتان في نهائيات كأس العالم باستمرار، علماً أن المنتخبات الخليجية سبقت كوريا واليابان في التأهل لكأس العالم بدءاً من الكويت ثم العراق وبعدها الإمارات، لتدخل بعدها السعودية أجواء كأس العالم 94 بأمريكا حيث كانت الانطلاقة التي تزداد قوة من بطولة لأخرى.
إذا كانت الفجوة كبيرة بين كرة القدم في آسيا وفي منطقتنا الخليجية ونظيرتها في أوروبا بالتحديد، فكيف نفسر ما قدمه المنتخب السعودي الذي هزم الأرجنتين بقيادة ميسي، الذي لم يتذوق طعم الخسارة في 36 مباراة، وهي الأولى في تاريخه في المباريات الافتتاحية لكأس العالم منذ عام 1958، وقد تُعجل الخسارة بخروج الأرجنتين من البطولة في حال عدم تمكنها من تجاوز بولندا والمكسيك.
ومع ذلك يبقى ما قدمه الأخضر السعودي الذي شرف العرب جميعاً، تأكيداً لحجم العمل والتخطيط السليم والرؤى بعيدة المدى، التي جعلت من منتخب لا يملك لاعباً محترفاً خارج المملكة يتفوق على منتخب متخم بالنجوم موزعين في أشهر الأندية وأكبر الدوريات العالمية، قد يسميها البعض استثناء أو قد يعتبرها البعض حالة منفردة، ولكن من شاهد الأداء البطولي لرجال الأخضر يتأكد له أن الفوارق والفواصل الفنية والزمنية لا مكان لها أمام الإرادة مع الإدارة الصحيحة.
كلمة أخيرة
السعودية تفوقت على الأرجنتين المرشحة للمنافسة على لقب مونديال 2022، معادلة تبدو غريبة كيف لمنتخب متخم بلاعبين محترفين يفشل في التفوق على منتخب جميع لاعبيه من مخرجات الدوري المحلي، ولكن عندما تكون الصناعة المحلية بجودة عالية تكون الإنتاجية والأداء أفضل من المستورد بفضل الإدارة والإرادة بالتأكيد.
عن جريدة الخليج الإماراتية