الإمارات والسعودية.. شراكة رياضية استراتيجية عمرها 5 عقود
الشراكة والتعاون والأخوة كانت دائما ولا تزال هي المحاور الجوهرية في العلاقات الإماراتية - السعودية بالمجال الرياضي، والتي تمثل امتداداً واستكمالاً للعلاقات المتينة والراسخة بين البلدين في المجالات كافة.
وعلى مدار أكثر من خمسة عقود كاملة؛ منذ تأسيس الدولة في 1971، كانت العلاقات الرياضية بين البلدين نموذجا يحتذى في الشراكات الناجحة والتعاون وتبادل الخبرات على مختلف المستويات في ظل تطابق الرؤى ووحدة الهدف واتفاق المصالح، ما منح هذه الشراكة والعلاقات الرياضية بين البلدين صبغة فريدة.
وكانت هذه الشراكة والتعاون في مجال الرياضة من أبرز العناصر الداعمة لجسور التواصل بين الشعبين الشقيقين، والمساهمة في تعزيز قيم الصداقة والأخوة بين البلدين.
ومنذ تأسيس دولة الإمارات، كانت الرياضة من أوائل القطاعات التي نظرت إلى الخارج، وأقامت حوارات واتفاقيات ولقاءات وبطولات ومبادرات مشتركة مع الأشقاء والأصدقاء في مختلف دول العالم، إلا أن التنسيق المستمر والتعاون الدائم مع المملكة كانت له خصوصية نادرة، والأدلة كثيرة على عمق العلاقات بين الطرفين على مدار نصف القرن الماضي.
لم تكن العلاقات الرياضية بين الإمارات والسعودية يوما مجرد تنافس، ولكنها كانت وستبقى شراكة وتعاون وصداقة؛ فالقواسم المشتركة كثيرة في قطاع الرياضة بين الدولتين.
وعندما قادت الإمارات دول الخليج العربي وبذلت جهودا كبيرة في تأسيس اتحادات الملاكمة والجوجيتسو، كان الهدف الأول لدى اتحاداتنا في تلك الألعاب نقل خبراتها إلى الرياضة السعودية والخليجية.
وبفضل التعاون والشراكة بين الطرفين، تأسست اتحادات الملاكمة والجوجيتسو لتأخذ مكانتها في رياضة المملكة، وتبدأ في تأهيل وصناعة الأبطال إقليميا وقاريا، ويبقى التعاون والشراكة عنوانا بارزا في البلدين الشقيقين في رياضة الفروسية التي تعد من أقدم الرياضات الخليجية وأكثرها ارتباطا بتاريخ الدولتين.
وفي المقابل، استفادت رياضة المبارزة الإماراتية من تجارب الاتحاد السعودي الذي تأسس في الستينات من القرن الماضي، وتبادلت الدولتان الخبرات في تلك اللعبة حتى أصبحت السعودية والإمارات من أقوى الدول العربية والخليجية.
وتقديرا لدور الإمارات والمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، حرص الاتحاد العربي لكرة القدم ومقره المملكة العربية السعودية على أن يطلق اسم «كأس زايد» على بطولة الأندية العربية الأبطال في موسم 2019/ 2020 وأن تقام المباراة النهائية على أرض الإمارات.
وكان أول ظهور للمنتخب الوطني الإماراتي لكرة القدم في المشاركات الخارجية الرسمية في المملكة العربية السعودية، حيث شارك في منافسات بطولة كأس الخليج العربي الثانية عام 1972 بالسعودية. وفي 19 مارس 1972، كان أول لقاء رسمي بين منتخبي البلدين على استاد الملز بالرياض.
ويسجل تاريخ الرياضة الإماراتية أن أول فوز إماراتي في كرة القدم تحقق على أرض المملكة العربية السعودية، وأن أول هدف إماراتي تم تسجيله في البطولات الخليجية كان على أرضها ويحمل توقيع لاعب منتخبنا سهيل سالم.
وفي 1988 وعلى أرض المملكة أيضا، كان منتخب الإمارات قريبا من التتويج بلقب كأس الخليج العربي، حينما حصل على المركز الثاني في تلك البطولة، التي فاز فيها على منتخب البحرين بهدفي زهير بخيت ومبارك غانم، ثم تجاوز منتخب الكويت بهدف زهير بخيت في مباراة تاريخية لأن الكويت كان أقوى المنتخبات الخليجية وأكثرها فوزا باللقب في هذه المرحلة.
وفي هذه البطولة، وعلى استاد الملك فهد التقى المنتخبان الإماراتي والسعودي وتعادلا 2-2 في واحدة من أقوى المباريات في تاريخ بطولات الخليج، وسجل للإمارات زهير بخيت هدفين، وللمملكة عبد الله غراب وماجد عبد الله، وفي هذه البطولة لم يفز منتخب الإمارات باللقب الذي توج به المنتخب العراقي، لكنه لم يخسر أي مباراة.
وفي المقابل وبرغم أن الكرة السعودية ولدت قوية في الستينيات وبدأت مسيرتها مع التألق بالثمانينيات، كان أول تتويج رسمي لها بكأس الخليج العربي على أرض الإمارات، حينما استضافت مدينة زايد الرياضية النسخة الـ12 لكأس الخليج من 3 إلى 16 نوفمبر عام 1994.
وعلى أرض الإمارات، كان جماهير وعشاق الكرة السعودية على الموعد مع أول وأكبر فرحة، حينما تحقق الحلم الذي طال انتظاره في المحفل الخليجي؛ ففي تلك البطولة كان الجيل الذهبي في الكرة السعودية والإماراتية حاضرا، فتوج المنتخب السعودي باللقب، وحصل المنتخب الإماراتي على المركز الثاني.
وبعد عامين فقط، وعلى الاستاد نفسه في مدينة زايد الرياضية كانت جماهير الكرة السعودية على موعد مع الفرحة الآسيوية الكبرى، حينما توج المنتخب السعودي باللقب القاري في 21 ديسمبر 1996.
ولم يكن غريبا في هذه البطولة أن طرفي المباراة النهائية هما الإمارات والسعودية، وتعادل الفريقان سلبيا في الوقت الأصلي للمباراة، ولم يحسم هذه المواجهة إلا ركلات الترجيح أمام 60 ألف متفرج، ليحقق المنتخب السعودي اللقب ويحرز شقيقه الإماراتي أفضل نتيجة له في تاريخ البطولة الآسيوية التي تأسست عام 1956.
وكان سبتمبر 2017 شاهدا على أحد المواقف التي تجسد خصوصية الشراكة والتعاون بين البلدين؛ حيث كان الأرجنتيني إدجاردو باوزا مديرا فنيا لمنتخب الإمارات لكرة القدم، وفي هذا التوقيت كان المنتخب السعودي يستعد للمشاركة في كأس العالم 2018 بروسيا بعد أن ضمن التأهل.
ولم يشعر لاعب الهلال والمنتخب السعودي لكرة القدم ياسر القحطاني يوما بالغربة في تجربته الاحترافية التي بدأها مع نادي العين عام 2011، بل على العكس أكد القحطاني أن تجربة العين الاحترافية تمثل له واحدة من أبرز المحطات في حياته.
وفي المقابل، كان الدوري السعودي هو الخيار الأول لنجم الكرة الإماراتية عمر عبد الرحمن عندما انتقل لنادي الهلال في 2018.
وعندما أبدى المدرب الهولندي بيرت فان مارفيك رغبته في الرحيل عن قيادة المنتخب السعودي بشكل مفاجئ، لم يتردد اتحاد الإمارات للعبة في التنازل عن مدربه لصالح المنتخب السعودي، وطلب مسؤولو اتحاد الإمارات من باوزا أن يتحول لقيادة المنتخب السعودي الشقيق، وتم الانتقال في مشهد لم يحدث أبدا مثله من قبل في ساحات التنافس وملاعب كرة القدم.
وأشاد الدكتور إبراهيم بن محمد القناص رئيس الاتحاد العربي واتحاد غرب آسيا للكاراتيه عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي للعبة بالعلاقات الرياضية التي تجمع السعودية والإمارات، معتبراً أنها نموذج فاعل في تحقيق مؤشرات التطوير الرياضي من خلال تبادل الخبرات والتنسيق المشترك والمشاورات الدائمة بقيادة المسؤولين الرياضيين بالبلدين.
وأوضح أن الواقع يكشف ما وصلت إليه رياضة المملكة العربية السعودية، وكذلك القطاع الرياضي بالإمارات العربية المتحدة حيث تطور لافت في المنشآت، وتحقيق العديد من الإنجازات، والسعي للعمل المشترك في كل خطوة للأمام، ما أسفر عن قيمة كبرى في المخرجات الرياضية المشتركة على الصعيد العربي.
من جانبها تقدمت نورة الجسمي رئيس اتحاد الإمارات للريشة الطائرة، عضو لجنة الاستثمار والتسويق بمجلس التنسيقي الإماراتي السعودي بالتهنئة للمملكة العربية السعودية الشقيقة بمناسبة اليوم الوطني الـ92، متمنية التوفيق للمملكة على كافة الأصعدة والمجالات والمزيد من الازدهار والتنمية بفضل دعم قيادتها الرشيدة.
وأشارت إلى أن مجلس التنسيق السعودي - الإماراتي يمثل إضافة جديدة للتعاون والتقارب بين الأشقاء في المجال الرياضي الأمر الذي يفتح الأفق لمزيد من أوجه التعاون في هذا الجانب ويضيف المزيد من الإنجازات للطرفين محليا واقليما ودوليا.
وقالت «خلال الفترة الماضية كان هناك تفعيل لهذا المجلس من خلال مشاركة إحدى الفرق السعودية في منافسات بطولة السلم للدراجات، حيث كان الاستقبال على أعلى المستويات، وتمت خلال الزيارة مناقشة العديد من الأمور المهمة بين الجانبين والعمل على تطوير العلاقات في المجال الرياضي».
وأكدت أن العلاقة بين الأشقاء في السعودية والإمارات، أساس متين لنهضة وتقدم الجانبين في كافة المجالات، وداعم رئيسي وفعال في الحفاظ على مكانتهم في مختلف القطاعات.